- تصنيفات دراسات الجدوى :
يمكن النظر إلى دراسات الجدوى عند تصنيفها من عدة نواحي تعكس كل واحدة منها جانب من جوانب هذه الدراسة ويمكن تصنيفها على هذا الأساس إلى :
1.3 من حيث القائم بالتحليل : قد يقوم رجل أعمال أو مجموعة من رجال الأعمال أو الشركاء بدراسات جدوى لبعض الأفكار الاستثمارية التي يرغبون في تنفيذها وفي المقابل تقوم الحكومة عن طريق وزارة التخطيط في الغالب بدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع ما تهتم الحكومة بتنفيذه وبالتالي يظهر الاختلاف، فالأولى دراسة جدوى تجارية خاصة هدفها خاص والثانية دراسة جدوى اجتماعية عامة .
2.3 من حيث مستوى التحليل : يمكن تقسيم دراسات الجدوى من هذا الأساس إلى دراسات جدوى تمهيدية وأخري تفصيلية وسوف يتم تناول كل منهما بالتفصيل وخصوصا التركيز على دراسة الجدوى التفصيلية في الأجزاء القادمة من البحث إلا أنه في أحيان كثيرة يتم الأكتفاء بدراسة الجدوى التمهيدية خاصة في المشروعات الصغيرة نتيجة لبهاظة التكاليف وقد يتضح عند إجراء الدراسات التمهيدية وجود عوائق جوهرية تمنع وجود المشروع سواء كانت قانونية أو بيئية أو تسويقية ..الخ وبالتالي لا يكون صاحب المشروع قد أنفق أموالا كبيرة في دراسة الجدوى التفصيلية من دون طائل وذلك ترشيدا للموارد ويؤدى اكتشاف هذه العوائق إلى التوقف عن السير في المراحل التالية كما قد يتم الأخذ بدراسة الجدوى التمهيدية كشكل من أشكال المفاضلة في حالة تعدد المشروعات الاستثمارية كما أن الدراسات التمهيدية تبين للقائمين على دراسة الجدوى في حالة الاستمرار والانتقال إلى الدراسات التفصيلية ماهية الأجزاء التي تحتاج إلى تعمق أكثر من غيرها في دراستها وأيضا الأجزاء التي تحتاج إلى بعض الدراسات الداعمة لها قبل إجراء تجارب معملية معينة أو إجراء استقصاء عن شكل المنتج وتضع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) نسب تقريبية لتكاليف الدراسات الاستطلاعية كنسبة مئوية من تكاليف الاستثمار على النحو التالي :
0.20% حتى 1% لدراسة الفرص
0.25% حتى 1.5% لدراسة الجدوى التمهيدية
1% حتى 3% لدراسة الجدوى التفصيلية للمشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة
0.2% حتى 1% لدراسة الجدوى التفصيلية في حالة الصناعات والمشروعات الكبيرة ذات التكنولوجيا المتطورة التي يصعب تسويقها وتنطبق هذه الأرقام على معظم المشاريع الاستثمارية الصناعية التي تتردد قيمتها ما بين 10 ملايين إلى 15 مليون دولار وهذا طبعا مؤشر تقريبي حيث تتفاوت هذه التكاليف حسب خبرة وشهرة مكاتب الاستشارات التي تقوم بها .
3.3 من حيث التقسيم الوظيفي : رأينا أن دراسات الجدوى في مفهومها الواسع تتضمن دراسات جدوى تفصيلية ، هذه الدراسات تحتاج إلي توافر كفاءات ومؤهلات فنية تختلف من جزء إلى آخر داخل دراسات الجدوى فهناك حاجة إلى رجال التسويق لدراسة حجم المبيعات المتوقعة ورسم إستراتيجية تسويقية ملائمة كما أن هنالك حاجة إلى مهندسين في مجال التربة والتصاميم والتكنولوجيا بالإضافة إلى الحاجة إلى خبراء في التحليل المالي ورجال القانون وغيرهم وبالتالي يمكن تقسيم دراسات الجدوى من حيث التخصص الوظيفي الآتي :
- دراسة الجدوى التسويقية
- دراسة الجدوى الفنية والهندسية
- دراسة الجدوى التمويلية والمالية والاقتصادية
- دراسة الجدوى القانونية
- دراسة الجدوى البيئية
ويفضل البعض بالنسبة لدراسات الجدوى القانونية والبيئية أن تتم في مرحلة دراسة الجدوى التمهيدية نظرا لأن وجود العوائق القانونية المتمثلة في قانون الدولة التي تحظر القيام بالاستثمار في مجال معين على سبيل المثال يمنع مجرد التفكير في مثل هذه المجالات كذلك الوضع في الدراسات البيئية .
4.3 من حيث الهدف يمكن تصنيف دراسات الجدوى للمشروعات على حسب الهدف منها :
– قياس المنافع الخاصة التي يحققها المشروع وتعود على ملاكه فقط، في هذه الحالة يتم القيام بتقييم الملكية الخاصة ويطلق عليها دراسات الجدوى التجارية أو الصناعية حسب بعض الكتاب والمفكرين ويهتم غالبا رجال الأعمال بدراستها كما أن الحكومات تقوم بها في بعض الأحيان من أجل تشجيع المستثمرين على الاستثمار في البلد .
– قياس الآثار المباشرة والغير مباشرة التي تعود على الاقتصاد القومي و في هذه الحالة يتم القيام بتقييم الربحية الاجتماعية ويطلق عليها دراسات الجدوى القومية أو الاجتماعية ويهتم بهذه الدراسات صانعي القرارات على المستوى القومي ولاشك أنه ربما يوجد بعض الفرص الاستثمارية المقبولة تجاريا واقتصاديا على المستوى الفردي (رجل أعمال أومجموعة شركاء ) تعد غير مقبولة على المستوى القومي ومن هذا يتضح ضرورة دراسة جدوى المشروع على المستوى القومي بجانب دراسة جدوى المشروع على مستوى ملاكه وفي إطار المفاضلة بين كل من دراسات الجدوى الخاصة ودراسات الجدوى الاجتماعية يمكن أن تقوم المفاضلة على الآتي :
- من حيث اختلاف الهدف
- من حيث اختلاف نطاق التحليل
- من حيث اختلاف المعايير التي تحكم التحليل
¤ - من حيث الهدف : تهدف دراسات الجدوى الخاصة إلي الاختيار بين الفرص الاستثمارية المتاحة على أساس مدى تحقيقها لأقصى حجم من الأرباح الصافية ولا يدخل في نطاق هدفها الآثار والأرباح التي تعود على مشروعات أخرى أو علي الاقتصاد القومي في حين نجد أن تحقيق أقصى حجم من الرفاهية الاقتصادية و الربحية الاجتماعية هو معيار الاختيار بين الفرص المتاحة من وجهة النظر الاجتماعية (أثر المشروع على العمالة ، أثره على كمية الصرف الأجنبي : رأس المال للشريك الأجنبي و القروض الأجنبية لتمويل المشروع إلى آخره منقوصا منها التدفقات الخارجة ، هذا بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية) وحيث أن هدف الربحية الخاصة و الاجتماعية لا يمكن أن يتفقا في نتائج الاختيار الا في ظروف معينة يصعب توافرها في الواقع العملي مثل المنافسة التامة و عدم وجود آثارخارجية للفرص التي يتم تنفيذها فغالبا يحدث تناقض في نتائج الاختيار بين الفرص المتاحة و بما يسمح بإظهار طبيعة الاختلافات في الأهداف و الظروف التي تتحقق في نطاقها تلك الأهداف .
¤- من حيث نطاق التحليل : ينصرف التحليل في دراسات الجدوى الخاصة إلى تناول الآثار المباشرة النقدية للمشروع في حين يراعى عند تحليل الربحية الاجتماعية الآثار غير المباشرة القابلة و غير القابلة
للقياس بالإضافة إلى الآثار المباشرة ، فمن الآثار غير المباشرة اثر تنفيذ المشروع على مستوى الرواتب و أسعار السلع البديلة و المكملة ، أيضا الآثار التكنولوجية للمشروع على الغير و على المجتمع و مدى تلوث البيئة بالأبخرة و مخلفات المشروع ، كذلك ينصرف نطاق دراسات الجدوى الاجتماعية إلى الآثار الداخلية و الحاجة للمشروع .
¤ - من حيث المعايير الحاكمة لدراسات الجدوى : تعتمد الربحية التجارية على أسعار السوق في تقييم الآثار المباشرة و مع استخدام الأسعار الاقتصادية أطلق عليها دراسات الجدوى الاقتصادية من خلال ما
يسمى بأسعار الظل .كما يتم الاعتماد على بعض المعايير الموضوعية في مرحلة التقييم المالي منها : تحليل التعادل ، فترة الاسترداد ، المعدل المتوسط للعائد ، و صافي القيمة الحالية و دليل الربحية و معدل العائد الداخلي كما يتم علاج مشكلة القيمة الزمنية للنقود عن طريق استخدام معدل تكلفة الأموال أو ما يسمى بمعدل الخصم .
أما بالنسبة لدراسات الجدوى من وجهة النظر الاجتماعية فان معايير التحليل المعتمدة مختلفة فهي تعتمد على :
- معيار القيمة المضافة : أي مقدار الإضافة التي يحققها المشروع من خلال عملياته الإنتاجية إلى المدخلات الجارية و الرأسمالية التي تم الحصول عليها من مشروعات أخرى و تمثل أساسا (القيمة المضافة الصافية ) وهي تضم الأجور و المرتبات و الأرباح الموزعة و غير الموزعة و الإيجارات و الفوائد و الضرائب غير المباشرة و التامين و تتوزع هذه القيمة بين مواطنين و أجانب مقيمين بالداخل الخ...
و القيمة المضافة الصافية هي عبارة عن :
نصيب المواطنين بالداخل + تحويلات الأجانب للخارج .
و بالطبع كلما زاد نصيب المواطنين من القيمة الصافية أكثر كلما كان المشروع أفضل من الناحية الإجتماعية ، و يجب حساب القيمة المضافة الغير مباشرة أي التي تحققها المشروعات الأخرى نتيجة لمزاولة المشروع لنشاطه .
- معيار العمالة : حيث يعتبر خلق وظائف جديدة من بين أهداف التنمية في الدول التي تعاني من مشكل البطالة بمعدل مرتفع و تعمل الهيئة العامة القائمة على إقرار المشروعات في هذه الحالة على تفضيل المشروعات التي تولد أكبر عدد ممكن من الوظائف باستخدام عدد من المعايير مثل الرقم المطلق للعمالة الجديدة و عدد فرص العمالة لكل وحدة استثمار و عدد فرص العمالة غير الماهرة لكل و حدة استثمار و غيرها حيث أن :
الأثر الكلي للعمالة = عدد الوظائف الجديدة المباشرة + عدد الوظائف الجديدة غير المباشرة .
و إذا ترتب عن قيام المشروع تحول عمال من مشروع إلى مشروع آخر فان هذا لا يعتبر اثر اجتماعي بل يبقى الأثر الكلي ثابتا .
- معيار التوزيع : يعتبر هيكل توزيع القيمة المضافة احد أهم معايير التقييم و يمكن التفرقة بين نوعين من التوزيع في هذا الصدد :التوزيع الفئوي و التوزيع الإقليمي .
و التوزيع الفئوي يشير الى توزيع القيمة المضافة المتولدة من المشروع بين الفئات المختلفة للمجتمع و نشير في هذا الصدد الى عدد من التوزيعات :
* - التوزيع بين أصحاب الدخول المنخفضة و أصحاب الدخول المرتفعة فكلما زادت النسبة التي تحصل عليها الفئة الأولى كان ذلك أفضل من وجهة النظر الإجتماعية .
* - التوزيع بين عناصر الإنتاج كالعمل ، رأس المال الخاص ، رأس المال الإجتماعي و في هذه الحالة تتوزع القيمة المضافة بين أجور للعمال و أرباح لرأس المال الخاص ، و ضرائب للحكومة ، وحيث أن الإيرادات الحكومية يفترض أنها تنفق في الغالب على أغراض إجتماعية تساعد الطبقة الفقيرة بدرجة أكبر ، فإنه كلما زادت النسبة التي تمثلها الأجور و الضرائب من القيمة المضافة ، كلما كان ذلك أفضل من وجهة النظر الإجتماعية .
*- التوزيع بين المواطنين و الأجانب : فكلما زادت النسبة التي يحصل عليها المواطنون من القيمة المضافة للمشروع مقابل مساهماتهم كلما كان ذلك أفضل من وجهة النظر الإجتماعية .
أما التوزيع الإقليمي فيفرق بين نسبة القيمة المضافة التي تحصل عليها الأقاليم الفقيرة و الغنية فكلما كانت النسبة التي تستفيد منها الأقاليم الفقيرة أكبر كان ذلك أفضل من الناحية الإجتماعية .
- معيار الأثر الصافي على الصرف الأجنبي : أي تحديد أثر المشروع على ميزان المدفوعات و يعتبر ذا أهمية كبيرة بالنسبة للدول التي تعاني من عجز دائم في ميزانها . الأثر الصافي على الصرف الأجنبي = التدفقات الداخلة من الصرف الأجنبي أو التوفير منه بسبب المشروع - التدفقات الخارجة من الصرف الأجنبي بسبب المشروع
التوفير من العملات بسبب إحلال الواردات مثلا بمنتجات محلية ناتجة عن إقامة المشروع .
ويرجع توضيحنا لهذه المعايير باختصار في هذه المرحلة من الدراسة إلى أنه ربما يحتاج المستثمر إلى الاعتماد في دراسات جدوى مشروعه على أحد هذه المعايير من اجل إقناع الجهات الحكومية بالموافقة على الاستثمار عن طريق إبراز أهميته من الناحية الاجتماعية .
ويتضح من المقارنة أن الربحية الخاصة لا تأخذ في الاعتبار ربحية المشروعات الأخرى عكس الربحية الاجتماعية ولا تأخذ في الاعتبار أيضا الربحية الاجتماعية للمشروع كما تقتصر في الغالب على معايير تقييميه تعكس هدف ملاك المشروع بما لا يلاءم قياس الأثر الكلى لتنفيذ المشروع على باقي أجزاء الاقتصاد القومي، اللهم إذا حددت الدولة في شروط الموافقة على الاستثمار في مجال ما أن يكون له آثار بيئية أو اجتماعية أو عمالية معينة .لذا فإن المشروعات المقبولة من وجهة النظر الربحية التجارية والاقتصادية ربما لا تكون أفضل المشروعات من وجهة نظر المجتمع خاصة مع اعتمادها على أسعار السوق الذي يفتقر إلى وجود شروط السوق الحر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق