مقدمة:
يعتبر عالم دراسات جدوى المشاريع عالما معقدا و متشابكا لذلك و من أجل إجلاء بعض الغموض نبدأ من خلال فصل أول و الذي نعتبره كمدخل لدراسات جدوى المشاريع و سوف نتناول فيه تعريف دراسات الجدوى و نحاول تقديم نبذة تاريخية عنها و عن تطورها و المراحل التي مرت بها حتى و صلت إلى ما هي عليه من إعطاء نتيجة دقيقة تبين صلاحية المشروع من عدمه و نتناول أبرز مميزاتها و العلاقة بينها و بين التنمية الاقتصادية ، كما نتعرض في هذا الفصل للمشروع الاستثماري بوصفه المستهدف من كل هذه الدراسات و بوصفه كيانا هاما في الاقتصاد و المجتمع و دعامة مهمة لهما ، فنتعرض هنا لتعريفه الذي نتوصل من خلاله لعناصره الأساسية و أهدافه و مراحله و محدداته كما نتعرض أيضا للإطار العام لدراسة الجدوى من خلال متطلبات القيام بها و تفصيل مراحلها و نختتم هذا الفصل بأبرز مشاكل و تحديات دراسات الجدوى كغيرها من الدراسات و ما تواجهه في عالم اليوم من معوقات تشكل تحديا كبيرا لها و لمصداقيتها .
أولاً-نبذة تاريخية :
يقصد بكلمة الجدوى في هذا الموضوع الفائدة أو العائد المتوقع حدوثه من المشروع وقد يكون هذا العائد ماديا أي ربحا والذي سوف يعود على صاحب المشروع وقد يكون اجتماعيا وهو الفائدة التي سوف تعود على المجتمع جراء القيام بالمشروع مثل: إشباع حاجة لدى المجتمع ،تشغيل عدد من العمال كحل لمشكل البطالة أو تلبية احتياجات السوق المحلية من سلعة أوخدمة معينة .
وتمتد جذورها إلى تحليل المنافع – التكاليف "benefit cost analysis" عند بداية ظهوره وترجع أول ممارسة لتحليل المنافع – التكاليف إلى عام 1936 في الولايات المتحدة الأميركية وذلك بصدور قانون التحكم في الفيضان. ويجيز هذا القانون إقامة مشروعات مقاومة الفيضان إذا تفوقت منافعها على تكاليفها. ولم يحتو هذا القانون بالطبع على القواعد الأساسية التي يتعين إتباعها عند تقييم المشروعات وظهر أول عمل يحتوى على المبادئ الأساسية لتحليل المنافع – التكاليف عام 1950 في صورة كتاب كان عنوانه "الممارسات المقترحة للتحليل الاقتصادي لمشروعات حوض النهر
وقامت لجنة فيدرالية بإعداد هذا الكتاب ضمن تكليف بذلك وعرف هذا العمل آنذاك "بالكتاب الأخضر" "the green bock" ومن أهم الأعمال التي صدرت في مجال تقييم المشاريع في البلدان النامية بعد ذلك نذكر:
1.1 دليل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ""OECD أعده كل من الأستاذين ليتل وميرلس litlle""and murelees عام 1969 وسمي دليل تحليل المشروع الصناعي manual of industrial project""analysis وتم تطوير هذا الدليل عام 1974 على يد نفس الأستاذين السابقين. كما صدر لنفس الأستاذين كتاب بدعم من نفس المنظمة عام 1982 بعنوان " تقييم المشروعات والتخطيط بالبلدان النامية" "projectappraisal and planning for developpement countries" .
2.1 دليل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "UNIDO" الذي سوف نتعرض له بشيء من التفصيل والذي صدر عام 1972 بعنوان "اليونيدو لتقييم المشاريع" "UNIDO guideline forprojectevaluation"وقد صدر لنفس المنظمة العديد من الأدلة في نفس المجال بعد ذلك مثل : " دليل إعداد دراسات الجدوى الصناعية "for the preparation of industrial feasibility studies""manual والذي تم تطويره عام 1991 في طبعة ثانية وقد صاحب هذه الطبعة برنامج كمبيوتر (comfar)"computer model for feasibility analysis and reporting" وإن كان الجيل الأول من هذا البرنامج قد ظهر عام 1983 ثم تم تطويره حتى ظهر الجيل الثاني منه عام 1995 (comfar 3 expert )كما صدر لها "دليل تقييم المشروعات الواقعية : تحليل المنافع – التكاليف الاجتماعية بالبلدان النامية"guide topractical project appraisal : social benefit cost analysis indeveloping countries " وصدر لها أيضا "unido bot guideline" وغيرها .
3.1 دليل البنك الدولي الذي صدر تحت عنوان "world bank guideline" عام 1975 كما صدر له دليل آخر عام 1984 تحت عنوان " التحليل الاقتصادي للمشروعات""Economic analysis of project" من إعداد كل من van der tak"squire," وقد توالت الكتابات عن دراسات الجدوى بعد ذلك في جميع أنحاء العالم بصورة مطردة خاصة في الآونة الأخيرة مع الاتجاه المتزايد للخوصصة وازدياد حدة المنافسة والكم الهائل المتدفق من المعلومات وتطور نظم المعلوماتية والاتصالات الإلكترونية وضرورة الترشيد بحكم محدودية الموارد.
ونذكر أن ماينارد كينز الكاتب الشهير قد تعرض لدراسات الجدوى وتقييم المشروعات وخاصة عندما تناول في الثلاثينيات و الأربعينيات من القرن الماضي معدل العائد على الاستثمار وفكرة تكلفة رأس المال والكفاية الحدية لرأس المال وتعرض لها أيضا "dean joel" في عام 1951 عندما أصدر أول كتاب لمعالجة مشاكل المشروعات الاستثمارية وهكذا توالى الاهتمام بهذه الدراسات منذ ذلك الوقت حتى الآن. ويرادف مصطلح دراسات الجدوى عدة مصطلحات انكليزية: "
"feasibility studies, capitalbudgeting , project appraisal , investment analysis , project evaluation "। .
تعريف و سمات دراسات الجدوى:
لقد أعطي لدراسات الجدوى عدد من التعريفات نذكر منها على سبيل المثال :
- أنها أداة عملية وليست عشوائية تستخدم لترشيد الاستثمارات الجديدة أو تقييم قرارات سبق اتخاذها في الماضي أو المفاضلة بين بدائل متعددة ، و ذلك على أساس فني و مالي و اقتصادي و بيئي في ضوء معطيات محددة تتعلق بموقع المشروع و تكاليف تشغيله و إيراداته ونمط التكنولوجيا و مهارات بشرية متنوعة و يؤخذ على هذا التعريف أنه لا يشير إلى إمكانية التخلي عن المشروع في حالة ما إذا كانت النتيجة في غير صالح إقامته .
- تعريف آخر لها: من حيث هي سلسلة من الدراسات تقوم على افتراضات معينة و أهداف محددة ، تنتهي إلى اتخاذ الموقف النهائي بقبول المشروع و المباشرة بإقامته أو برفضه ، وذلك اعتمادا على مجموعة معايير تنطلق من مبدأ التكلفة لمعرفة مقدرة المشروع على بلوغ الأهداف التي أنشئ من أجلها .
لكن هذا التعريف أغفل جوانب مهمة لم يفصل أو لم يتعرض لها تتعلق بدراسة الجدوى التمهيدية و دراسة الجدوى التفصيلية .
و من التعريفين السابقين يمكن ان نستنتج تعريفا أشمل لدراسة جدوى المشاريع:
هي مجموعة متكاملة من الدراسات المتخصصة تجرى لتحديد مدى صلاحية المشروع الاستثماري من عدة جوانب قانونية ، تسويقية ، إنتاجية ، مالية ، اقتصادية ، اجتماعية لتحقيق أهداف محددة و التي تمكن في النهاية من اتخاذ القرار الاستثماري الخاص بإنشاء المشروع من عدمه بمعنى قبول أو رفض المشروع .
و من ابرز السمات المميزة لدراسات الجدوى :
*النظرة المستقبلية : أي أنها تتعامل مع المستقبل فدراسة الجدوى تعنى بدراسة إمكانية تنفيذ فكرة استثمارية يمتد عمرها الى عدد من السنوات ويمتاز عنصر الوقت فيها بالأهمية البالغة نتيجة بالدرجة الأولى الى عدم ثبات الفرص التسويقية المتاحة أمام المشروع لفترات طويلة و ذلك بسبب التطورات المستمرة في بيئة المشروع و هذا يتطلب ضرورة تحديث الدراسات باستمرار .
*طالما أن الدراسة تتعلق بالمستقبل فإن محتوياتها تمثل تقديرات احتمالية تحمل في طياتها احتمالات مطابقة الواقع و الانحراف عنه الأمر الذي يعطي أهمية متزايدة لمراعات الدقة في هذه التقديرات .
* تعدد المراحل و ترابطها : ان دراسة الجدوى لمشروع ما تتكون من عدة مراحل و خطوات متخصصة مترابطة و متداخلة و متتابعة و نتائج كل مرحلة تمثل مدخلات للمرحلة التي تليها و في نهاية كل مرحلة يتم اتخاذ قرار إما بالانتقال الى المرحلة التالية أو التوقف و لذلك فإن أي خطأ في إعداد أية مرحلة ينعكس أثره بشكل مباشر في المرحلة اللاحقة لها .
* أنها دراسة لا يمكن إنجازها من قبل خبير واحد و إنما من قبل فريق من الخبراء كل حسب تخصصه حيث يقوم خبراء التسويق بإعداد دراسة السوق ،و المهندسون و الخبراء الفنيون بإعداد الدراسة الفنية في حين يقوم الخبراء الماليون بإعداد الدراسة المالية و الاقتصادية للمشروع .
و تنتهي دراسة الجدوى عند تنفيذ الاقتراح الاستثماري و لا يدخل فيها تنفيذ المشروع و تقويمه وإن كان ذلك يؤثر اذا ما ظهرت صعوبات فيلجؤالى إعادة دراسات الجدوى للتغلب على تلك الصعوبات.
2 التعليقات:
لك جزيل الشكر على هذا العرض الرائع ، ولكن أود الاستفسار عن إمكانيةالحصول على نسخة من
برنامج comfar 3 expert حيث علمت أنه مرتفع الثمن جدا ولا يمكننى الحصول عليه .
tawfeekglobal@gmail.com
ولكم جزيل الشكر والتقدير ،،،
انا حصلت على برنامج كومفار 3 كامل ( الكتاب + قرص سي دي + مفتاح دنكل ) بسعر 1200 $
إرسال تعليق